بقلم: سميرإندونيسيا هي إحدى الدول الإسلامية في قارة آسيا، وكانت تُعرف باسم "جزر الهند الهولندية"، وقد استقلت وانضمت إلى الأمم المتحدة في 28 سبتمبر عام 1950، ونظام الحكم فيها جمهوري، وتبلغ مساحة أراضيها (2 مليون و27 ألفًا و87 كيلو مترًا مربعًا)، وتتكون من مجموعة من الجزر المنتشرة في مياه المحيط الهادي وحتى أستراليا وبحر الصين الجنوبي.
وتحيط الجزر الإندونيسية بماليزيا، كما تلتصق بالفلبين، وتجاور فيتنام وكمبوديا وسنغافورة، وعاصمة إندونيسيا هي مدينة "جاكرتا"، والعملة المتداولة هناك هي "الروبية"، ويبلغ عدد سكانها 222 مليون نسمة حسب إحصاء 2007، ونسبة المسلمين حوالي 90% من عدد السكان الكلي، ويغلب عليهم المذهب الشافعي.
وتفيد الدراسات الإسلامية المعاصرة أن إندونيسيا عَرَفت الإسلام منذ عام 30 هجرية، عندما حمل التجار العرب أخبار الدعوة الإسلامية إلى الجزر الإندونيسية، وأقاموا علاقاتِ تزاوج ومصاهرة مع سكان إندونيسيا، وقد أدَّى ذلك إلى نموِّ المجتمعات في الجزر الإندونيسية، فتولَّوا بأنفسهم مهام الدعوة الإسلامية ونشرها في كافة أنحاء البلاد، حتى إن حكام جزيرة سومطرة قد اعتنقوا الإسلام وتحوَّل سكانها إلى مسلمين، وقد طبق المسلمون في أغلب الجزر الإندونيسية الشريعةَ الإسلاميةَ في الحكم والاقتصاد وجميع المعاملات التجارية، وقد أرجعت الدراسات الإسلامية إلى المسلمين الفضل في تحرير إندونيسيا من المستعمر الهولندي.
ويبلغ عدد المساجد في إندونيسيا 600 ألف مسجد في كافة أنحاء البلاد، وتوجد هناك العديد من الجامعات الإسلامية وآلاف المعاهد والمدارس الإسلامية، ومن أشهر المؤسسات التي تهتم بالتعليم الإسلامي الجمعية المحمدية، التي أَسَّست العديد من الجامعات والمعاهد والمدارس، وقد أدَّى انتشار التعليم الإسلامي إلى زيادة معرفة الشعب الإندونيسي المسلم باللغة القرآنية.
في رمضان
تختلف عادات رمضان في إندونيسيا من منطقة إلى أخرى، ففي جاكرتا مثلاً عندما يأتي رمضان يتحوَّل الليل إلى نهار؛ حيث ينتشر الناس في الشوارع والمنتديات وفي الأسواق، بمجرد الانتهاء من صلاة التراويح، ويقوم المسحراتية بالطواف حول الشوارع بدفوفهم، مردِّدين: "سحور.. سحور" لإيقاظ الناس، ومن العادات المنتشرة في ربوع إندونيسيا أن جميع الإندونيسيين يستقبلون شهر رمضان بذبح الذبائح ابتهاجًا بقدومه.
الموائد السلطانية
يقدم المسجد الكبير الواقع في عاصمة إقليم شمال جزيرة سومطرة مائدة إفطار منذ عام 1906 خلال أيام سلطنة ديلي الإسلامية-إحدى السلطنات التي كانت قائمةً في هذه الجزر- وبالتحديد منذ أيام السلطان التاسع لها، وهو "محمود الرشيد"، وظلت تقدَّم حتى أيام السلطان الثالث عشر، وللحفاظ على هذه الذكرى والتقليد التاريخي فإن الإندونيسيين يحاولون عدم تغيير ما يقدم من أطعمة قدر المستطاع.
ومن أبرز الوجبات التي تقدَّم هي "عصيدة أنيانغ" التي كان يعدُّها طباخو قصر السلطان لعابري السبيل من المسافرين، ثم بدأت تقدَّم لروَّاد المسجد السلطاني عندما بُني مع بداية القرن العشرين، وبعد 30 عامًا ومع انتهاء الحكم السلطاني وبدْء العهد الجمهوري تعاهد المسئولون على المساجد والمحسنون ممن يسكنون بالقرب منه على إبقاء هذه المائدة الرمضانية، ومنهم أحفاد سلطان ديلي الموجودون في المدينة إلى اليوم.
وحساء "عصيدة أنيانغ" يعين المصلين على صلاة التراويح؛ لما يتميز به من خفَّة على معدة الصائم، فهو يتكون من الأرز واللحم والجزر والبطاطس وجوز الهند وخضروات وتوابل وبقول محلية أخرى كحب الباكيس.
وينتهي تقديم هذه الوجبة بعد ليلة السابع والعشرين من رمضان؛ حيث يقدم بدلاً منه في الأيام الثلاثة الأخيرة وجبة عادية من الأرز والخضروات واللحم؛ حيث ينصرف اهتمام إدارة المسجد إلى تصفية حسابات زكاة الفطر التي تُجمَّع بالمسجد طوال رمضان لتُوزَّع قبل العيد على فقراء المدينة.
وتقدم معظم المساجد الكبرى في إندونيسيا موائد إفطار للصائمين، يشترك في أكلها الغني والفقير، خصوصًا المسافرين والبعيدين عن منازلهم، وتموّل مما يجمع من تبرعات في صناديق المسجد طوال العام، والتي تموّل أنشطة المسجد من محاضرات وبرامج وإفطارات جماعية.
تخفيف الدراسة
وفي رمضان تُقرِّر معظم المدارس والمعاهد الحكومية والخاصة في إندونيسيا عدم تعطيل الدراسة خلال شهر رمضان؛ خشية حدوث آثار سلبية على مستوى التحصيل العلمي لدى الطلاب، على الرغم من سماح قوانين الحكومة بإعطاء الطلاب إجازةً خلال هذا الشهر، فتعطي المدارس الطلاب إجازةً في اليوم الأول من رمضان، وأيضًا الأسبوع الأخير منه، إضافةً إلى عطلة عيد الفطر حتى يتسنَّى لهم قضاء بعض أيام الشهر والعيد مع أقاربهم في الأرياف، كما يتم تخفيف المنهج الدراسي، وزمن المحاضرات خلال اليوم الدراسي في رمضان، ويركِّز طلبة الأزهر على الدروس الدينية وحصص تلاوة القرآن ليتعوَّدوا ختمه في رمضان.
وتقوم معظم المدارس والمعاهد بخفض التوقيت الزمني للحصة الدراسية من 45 دقيقةً إلى 30 دقيقةً للتخفيف على الطلبة الصائمين، إضافةً إلى بدء اليوم متأخرًا عن المعتاد بساعة أو بنصف ساعة على الأقل.
إغلاق الملاهي الليلية
مع بدء شهر رمضان ينتشر رجال من الشرطة والجيش لتنفيذ قرار حاكم العاصمة بإغلاق الملاهي والنوادي الليلية مراعاةً لمشاعر الصائمين، وقد صدر القرار منذ خمس سنوات وبدأ تنفيذه؛ تلبيةً لدعوة جمعية نهضة العلماء كبرى الجمعيات الإسلامية في البلاد، والتي طالبت بتطبيقه على عموم إندونيسيا.
يُذكر أن جماعة جبهة المدافعين عن الإسلام تقوم منذ سقوط الرئيس سوهارتو في عام 1998 بمهاجمة النوادي الليلية وأماكن الترفيه في رمضان وغير رمضان.
ويوجد في إندونيسيا العديد من القوانين التي تكبح مظاهر الفساد الأخلاقي، ومنها المادتان رقم 296 و282 من قانون الجنايات الذي يعاقِب بالسجن لمدة 32 شهرًا مَن يتورَّط في أعمال إباحية، والسجن لمدة 16 شهرًا أخرى لمن يسهِّل للآخرين الضلوع في ذلك.
حسين أبو زعقوق