منذ تسع سنوات وتحديدا في يونيو 1998 .. كتب الناقد الكبير حسن المستكاوي في الاهرام مقال شهير بعنوان "كيف هزم الثعلب الالماني تسوبيل اللاعب الدولي الهولندي رود كرول" .. كان هذا عنوان تعليقه علي لقاء القمة 81 والذي فاز به الأهلي بهدفين نظيفين لكل من أحمد فيلكس وحسام حسن.
وتحدث المستكاوي في مقاله عن دهاء الالماني راينر تسوبيل المدير الفني للأهلي آنذاك في مواجهة غريمه الهولندي رود كرول قائد منتخب هولندا في السبعينات والمدير الفني للزمالك وقتها بعدما نجح الأول في تحقيق مبتغاه بالقبض علي درع الدوري عن طريق تحقيق فوزا غاليا علي الثاني بقيادة المتألق سيد عبد الحفيظ ومايسترو خط الوسط الأحمر في ذلك الحين مجدي طلبة.
لم يكن رود كرول محظوظا في تلك الفترة .. اذ كان فريق القلعة البيضاء لا يزخر بالنجوم كما هو الحال الآن .. فقط تسلم كرول الزمالك وهو شبه منهار بعدما انفرط عقد فريق الاحلام الشهير بقيادة أحمد الكاس ومحمد صبري وقاسي سعيد وحازم امام ومحمد عبد الجليل وخالد الغندور ونادر السيد وطارق مصطفي وغيرهم في اعقاب خسارة الدوري مرتين متتاليتين امام الاهلي بقيادة نجمه حسام حسن الذي لعب الدور الابرز في تحقيق الانتصارات علي الزمالك 3 سنوات متتالية.
رود كرول كان قد حقق نتائج ايجابية واضحة مع المنتخب الاوليمبي المصري بقيادته الي الفوز بذهبية كرة القدم بدورة الالعاب الافريقية عام 1995 بزيمبابوي ومنافسته القوية علي بطاقة التأهل لاولمبياد اطلانطا 96 مع نسور نيجريا والذين فازوا بذهبية اطلانطا بعد ذلك .. كما نجح في صناعة جيل اعتمدت عليه الكرة المصرية لفترة طويلة بعد ذلك بنجوم من امثال حازم امام واحمد حسن وعبد الستار صبري.
هذا الجيل الذي صنعه كرول قدم عروضا رائعة في نهائيات امم افريقيا 1996 بجنوب افريقيا ونجح في تصدر مجموعته علي حساب اصحاب الارض جنوب افريقيا بالفوز عليهم بهدف لا ينسي للنجم احمد الكاس من صناعة الثعلب حازم امام قبل ان يسقط في دور الثمانية بسبب اخطاء دفاعية ساذجة نتيجة الاندفاع الهجومي امام المنتخب الزامبي بثلاثة اهداف مقابل هدف ورغم تقدم مصر اولا بتسديدة رائعة لسمير كمونة نجم المقاولون العرب وقتها.
ورغم رحيل كرول عن المنتخب المصري بعد البطولة الا ان نفس المجموعة من اللاعبين نجحت بعدها بعامين فقط وتحت قيادة الجنرال محمود الجوهري في تحقيق ابرز انجاز لمصر قاريا بالفوز ببطولة امم افريقيا 1998 ببوركينا فاسو .. وترجع قيمة الانجاز كونه الفوز الوحيد لمصر بالبطولة خارج ارضها بعد التقدم الكروي الافريقي في الثمانينات اذا ما استثنينا بطولات الخمسينات.
نجاحات كرول مع المنتخبات المصرية رشحته لتولي منصب المدير الفني للزمالك موسم 97/98 لكنه اصطدم كما اوضحت سابقا بسيطرة الاهلي علي الكرة المصرية في تلك الفترة وغياب النجوم عن فريقه ..
رحل كرول بعد موسم واحد قضاه مع الزمالك لكنه قبل ان يرحل قدم نجوما جدد من ناشئي النادي كان ابرزهم ولا شك الجناح الايسر الرائع في السنوات الماضية طارق السيد.
ورغم تحفظ الكثيرين علي مشوار الهولندي بعد رحيله من مصر كونه اكتفي اغلب الاوقات بلعب ادوار الرجل الثاني سواء خلف فرانك ريكارد مع منتخب هولندا او مع نادي اياكس امستردام .. الا ان كرول يبقي مدربا ضليعا بشدة في شئون الكرة المصرية بعد ان اكتسب خبرة واسعة في التعامل مع عقلية ونفسية اللاعب المصري.
لاعبو مصر لا يحتاجون بالضرورة لمدربا عالميا لقيادتهم .. لكنهم بحاجة الي من يتفهمهم ويستطيع تفجير طاقاتهم المكبوتة وفي الوقت نفسه يستطيع السيطرة علي شخصياتهم المركبة في الأغلب.
لذلك كله .. يملك رود كرول فرصة ذهبية رائعة لكي يحقق مع زمالك 2007 ما عجز عنه مع زمالك 97 .. ليس الامر هينا بالطبع .. ولكن خبرة الرجل ستساعده بشدة في ذلك خاصة مع توافر خط هجوم رائع للزمالك حاليا ربما يكون هو الافضل في العشرين سنة الماضية.
الزمالك يملك كل عناصر النجاح حاليا .. ربما اتصور ان كرول اقدر من هنري ميشيل الهارب علي تحمل عبء تحقيق احلام ملايين الزملكاوية .. فالهولندي يملك اسما وتاريخا في مصر يهمه الحفاظ عليهم .. ورود كرول ليس متعاليا كما كان ميشيل ناهيك عن شعوره بعدم الغربة في بلد عاش به سنوات في السابق.
لكن اختبار رود كرول الحقيقي سيكون في مواجهاته ضد البرتغالي مانويل جوزيه المدير الفني للأهلي .. فجوزيه اصبح يملك كعبا عاليا علي مدربي الزمالك في المواجهات الثماني الاخيرة .. ويعود اخر فوز ابيض لفترة تولي ابن بلده فينجادا لمقاليد الادارة الفنية في القلعة البيضاء حينما فاز الزمالك 2-1 في الدور الثاني لموسم 2003/2004 ليتوج بعدها بطلا لاخر دوري دخل دولاب بطولات ميت عقبة.
شخصيا اري ان كرول مرشح فوق العادة لكي يقود الزمالك للفوز علي الاهلي في لقاء القمة القادم .. فدوافع الفوز لدي لاعبيه اقوي .. والهولندي يلعب دوما بفكر شجاع والكرة لديه تنطلق للامام فقط .. وذلك كان ابرز ما في منتخب مصر 96 .. فالفراعنة قدموا احد اروع لقاءات الكرة في تاريخهم امام اسود الكاميرون في لقاء شهير شهده الدور الاول للبطولة وقتها وخسرت مصر 1-2 فقط بسبب الانحياز التحكيمي الفج للموريشي لي كيم شونج حكم اللقاء يومها والذي اراد بوضوح مجاملة عيسي حياتو رئيس الاتحاد الافريقي.
فهل يصمد اللاعب الدولي الهولندي امام الساحر البرتغالي العجوز .. وهل ينجح في تحقيق أحلام وطموحات جماهير الزمالك في كل مكان بتحقيق فوز طال انتظاره علي الأهلي تحت قيادة جوزيه .. فوزا كان بين ايديهم حتي الدقيقة 89 في اخر لقاء قمة قبل ان يلقي محمد ابو تريكة بكلمته ليقلب الامور رأسا علي عقب ولتذهب كأس مصر في اتجاه معاكس الي قلعة الجزيرة في مشهد دراماتيكي مثير علي قولة ساحر التعليق الكروي .. ميمي الشربيني.
وهل ينعم عليه السير مستكاوي في عموده صباح الثلاثاء القادم عقب لقاء القمة .. بلقب ثعلب .. هولندي هذة المرة .. !
هذا ما ستجيب عنه الايام القادمة ..